دولة وحيدة مع قنبلة

توجد دولة وحيدة، في المنطقة، لا حاجة لذكر اسمها، والتي ليس من مدة – وحقيقة ليس من مدة – حصلت على سلاح ذري وتهدد به سلام المنطقة. يوجد لديها، "حسب مصادر أجنبية" ما بين 150 إلى 400 قنبلة ذرية، هيدروجينية ونيتروجينية. ويكفي بشكل مطلق لتدمير كل الشرق الأوسط، وكذلك لجزء كبير من الكرة الأرضية. كيف حصلت عليه؟ بشكل "غير قانوني"، كما يقولون: في حالات اتفاقات مزيفة وسرية مع دول عظمى كولونيالية، وفي حالات أخرى بذر الرماد في عيون المراقبين، الذين قدموا لمشاهدة فرنها الذري، وأحيانًا بواسطة أكاذيب وأخرى "تعتيم".

وليس من باب التواضع إننا لا نذكر الدولة باسمها، حيث ان هذا لم يعد سرًا – وإنما لكي نستطيع التفكير فيها بدون التفكير من داخل الدولة، من خلال القنبلة الإيديولوجية التي تفجر سكانها – وبمساعدة صحافيين ومراسلين وتسريبات مقصودة وسياسية – من الخوف. لان الدولة المذكورة تعتقد انه مسموح لها فقط، سلاحها هو الطاهر فقط، وقنابلها الذرية هي الجيدة فقط. بينما ما عند الجيران فهو خطير.

وزارة الخارجية الأمريكية تسمي هذه الدول دولا ناهبة، إرهابية. والحقيقة، انه من يفهم أكثر من رؤساء الولايات المتحدة ما معنى الإرهاب؟ في هذه الأمور يجب الاعتماد عليهم. وفي الحقيقة، هذا الفرن الذري حصلت عليه الدولة ضمن معاهدة المنبوذين مع دولة عظمى كولونيالية (فرنسا)، والتي كانت غارقة في ذروة إحدى الحروب الخطيرة في القرن العشرين – الحرب الاستعمارية ضد الشعب الجزائري. مئات المستوطنات أزيلت من على وجه الأرض، ومليونان من الجزائريين اجبروا على الرحيل من قراهم، وعدد القتلى يقدر بحوالي مليون ونصف المليون.

وبعد ذلك كان من الصعب الحصول على مواد. لذلك خرج عملاء الدولة المخلصين للعمل. اليورانيوم للفرن الذري حصلت عليه هذه الدولة في سنوات الستين بكل الوسائل المخفية – سفن اختفت، بعثات خطفت – من المفضل مطالعة ذلك. وبعد ذلك، عندما أصبحت الحاجة إلى مصدر أكثر إخلاصا، ومن الذي جاء لمساعدتهم، إذا لم تكن جنوب إفريقيا؟ وهكذا قامت معاهدة المنبوذين الثانية مع نظام الأبرتهايد.

مهندس المشروع الذري للدولة عمل في الخفاء، بمشاركة مع حاكمها الأبدي. وزراء وعلماء عارضوا ذلك لكنهم عملوا من وراء ظهورهم. والمال حصلوا عليه من خارج ميزانية الدولة. وبعد عدة سنوات فإن مهندس ومخطط القنبلة حصل على جائزة نوبل للسلام. عالم غريب جدًا.

الدولة النووية هي ديمقراطية بصورة نظيفة. سكان الدولة، عربًا ويهودًا وكذلك القاطنون بالقرب من الفرن الذري، لم يتمكنوا من معرفة، مثلا، أين تخبئ الدولة النفايات الذرية التابعة لها. ولم يسمعوا بالمرة، ما هي وسائل الأمان في الفرن الذي يسكنون بجواره. تقنيون وعمال في الفرن الذري مروا بتجارب مثل شرب اليورانيوم. هل هذا هو السبب لكثرة مرض السرطان في جوارهم؟ والدولة لم تعط الإجابة لذلك بالمرة.

مواطنو الدولة لم يبحثوا بشكل ديمقراطي حول القضية، فيما إذا هم يريدون قنبلة ذرية: وفي إحدى المرات أنكر في البرلمان حاكم الدولة مجرد وجود المشروع، ولكن النائب عصام مخول من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة نجح في تقديم الموضوع للبحث في الكنيست وبعد أن اضطر للتوجه إلى محكمة العدل العليا. وعندما ألقى خطابه في الكنيست، خرج من القاعة كل النواب من كتلة اليمين.

"هل سلاح يوم الحساب يضمن سلامة إسرائيل؟ أنا أظن عكس ذلك. كل العالم يعرف ان لإسرائيل توجد ترسانة من السلاح البيولوجي، الكيميائي والذري، والذي يستعمل كمحفز لسباق التسلح في الشرق الأوسط"، قال عندها مخول. وهذا ما يسمى شجاعة مدنية.

המפה
 

في 2003 قدم النائب مخول استجوابًا في الكنيست على أساس بحث مفصل لمعهد كرنجي: "إن في إسرائيل مخزّن سلاح ذري بما فيها منطقة خليج حيفا، وفي جبل عيلبون في الجليل وفي كفار زخاريا بالقرب من بيت شيمش. وهل هذه المعطيات صحيحة؟" إلا انه لم يتلق جوابًا. هل تريدون ان تعرفوه؟

וويجب أن لا ننسى: عندما يتجرأ تقني ذرة واحد على كشف الحقيقة إلى الخارج، وإيصال قضية القنبلة ليس إلى الدول العظمى الأجنبية وإنما لمواطني دولته ولسكان العالم – أختطف، واتهم بالتجسس وفرض عليه السجن لـ18 سنة، والتي أمضى معظمها بعزل انفرادي مطلق. وحسب كل الإشارات، نبي السلام لتلك الدولة، والذي هو مهندس القنبلة الذرية هو الذي اصدر الأمر لعملية الملاحقة وحملة الانتقام.

والآن تحضّر الدولة الذرية لحرب، لان الجيران في المنطقة يريدون برنامجًا ذريًا، خطة الحرب يبلورها اثنان من الآية الله: واحد يعزف على البيانو ويقيم علاقات صداقة مع أغنياء العالم – يجب أن يلعب ويتاجر بالسلاح. والثاني تقريبًا نفس الشيء ولكن بدون البيانو، ومع شعور برسالة تاريخية. هستيرية الحرب ليست حربًا لإيقاف التهديد الذري على حياتنا، حياة كل سكان الشرق الأوسط، هم يسعون للخروج إلى الحرب من اجل المحافظة على احتكار السلاح الذري، على الحق بجعل الجميع يرتجفون، يهودًا، عربًا، أكرادًا، إيرانيين، أتراكًا، يونانيين وماذا يمكن أن يغير ذلك.

وليكن واضحًا: هذه الحرب لن تكون سهلة أكثر فيما إذا جرت برعاية الدولة العظمى الأولى في العالم، هذه التي ألقت قنابل ذرية لا حاجة لها في 1945 (فلتبارك الحرب الباردة!)، هذه التي سارعت للتلويح بقنابلها الهيدروجينية وهذه التي ألقت على فيتنام قنابل أكثر (وأضافت كذلك سلاحًا بيولوجيا وكيماويا) في حرب استعمارية واحدة أكثر مما القي من قبل كل الأطراف خلال الحرب العالمية الثانية. أليس كذلك: وهذه السطور لا تكتب من اجل دعم تلك الأوساط المقربة لدى حكام الدولة، الذين يفضلون بدون شك الحرب من اجل الحفاظ على "تفوق استراتيجي"، ولكنهم يرغبون بفعل ذلك مع مظلة، برعاية الدولة العظمى المحببة عليهم.

חיפה ביום האחרון למלחמת לבנון השנייה
 

أنه للناس العاديين لا توجد مظلة حقيقية. توجد مظلة فقط للأغنياء وللأقوياء، وهم في الحقيقة يستطيعون أن يطيروا من هنا خلال لحظة، عندما تشتعل الأرض. للناس العاديين لا توجد مظلة. ولا توجد مظلة ليس فقط من السلاح الذري وإنما من تدهور الشرق الأوسط كله نحو نار حرب وقنابل تقليدية، ولمجرد قتل عادي، تقليدي (ايهود براك يؤكد وقوع 500 قتيل).

ومن يريد حقيقةً أن يعيش في الشرق الأوسط، يجب أن يعيش مع الجيران، ليس برعاية الدول العظمى، وليس برعاية الإمبراطوريات وليس بحماية تلك القنبلة. الجيران لا يعجبهم أي شيء؟ مشكلة. هذا هو المكان، وهؤلاء هم الجيران. كذلك الطبقات الحاكمة، المقربون والمتنعمون والفاسدون الذين يحكمون هذه البلاد لا يعجبهم الكثيرون، وربما معظم السكان. هل هذا ساعدهم حتى الآن؟ لا. ولكن يمكن محاولة ذلك.

المستقبل الوحيد للشرق الأوسط هو بتجريد كامل ومتبادل وعام من السلاح الذري، البيولوجي والكيميائي للإبادة الجماعية. المستقبل الوحيد للأفراد الذين يعيشون في هذه الدولة هو بالمساواة في الحقوق في الشرق الأوسط: بدون حقوق زائدة، مثل الحق بتفجير الكل، بدون حماية الدولة العظمى الامبريالية القديمة والحديثة، بدون حماية الإمبراطوريات وبدون هذيانٍ امبريالي (المحلل العسكري روني دانيئيل في نشرة الأخبار: إسرائيل هي كذلك دولة عظمى، يجب عدم الخوف).

نحن الذين نعيش هنا، خائفون وبحق من فرسان الحرب ومن يقود إلى هذه الحرب، دماؤنا معلقة برؤوسهم.