إنهم يقومون بإخلاء أم الحيران كي تُقام مكانها مستوطنة حركة "أور"  حركة استيطان تعمل داخل الخط الأخضر. كيف وصلت عائلة أبو القيعان إلى المكان الذي أقيمت فيه عتير وأم الحيران؟ الوثائق تكشف بعضًا مما حصل حينها.

لقد سَكّن أبناء عائلة أبو القيعان في وادي زوبالة، بجانب كيوبتس "شوفال". وأجبروا في أعقاب 1948 على ترك أراضيهم التي سيطر عليها الكيبوتس. خلال النصف الأول من سنوات الخمسين سكنت العائلة في محيط "بيت كاما"–"دفير"–لاهف. في ذلك الحين بدأ نقلهم شرقًا، نحو حدود الضفة الشرقية، إلى المكان الذي تتواجد فيه لغاية اليوم القرى البدوية عتير وأم الحيران.

תכנית היישוב חירון המיועד לקום להיבנות על הריסות אום לא חיראן

يمكن مشاهدة بيوت أم الحيران تحت الخطوط الحمراء للمستوطنة اليهودية التي ستقام مكانها.

 

خلال جلسة الحكومة في آب 1957 قدم وزير الصحة، يسرائيل برزيلاي، استجوابًا لرئيس الحكومة. لقد وصله خبرٌ يقضي بأنه وقبل عشرة أيامٍ تواجدت مجموعة من رجال الشرطة العسكرية في خيمة عائلة أبوالقيعان وأبلغت الناس، "أن عليهم أن ينتقلوا من مكان سكناهم إلى وادي عقير" (عتير). لقد قاموا بالتوجه إلى محاميهم الذي اتصل بالحاكم العسكري. الحاكم قال أنه "لا توجد أية نية لنقل هؤلاء البدو من مكان إلى آخر".

שאילתה השר ישראל ברזילי 1957 אל קיעאן

 لكن وفي ذات المساء، تواجدت مجموعة من رجال الشرطة العسكرية مجددًا، قامت بهدم الخيم وطالبت الناس "بالإنتقال إلى مكان آخر وإلا سوف تقوم بإحراق كافة خيمهِم". مساء يوم الأحد، 11 آب 1957، تواجدت في المكان سيارة عسكرية مصفحة مع رجال شرطة عسكرية وقاموا بهدم 18 خيمة. العرب الذين طلبوا مشاهدة الأمر مكتوبًا (أمر الهدم مكتوبًا!) تلقوا ضربًا وصفعات على الوجه. "توجه محاميهم إلى الحاكم العسكري مجددًا، الحاكم العسكري قال أنه لم يتم اعطاء أية مرسوم أو أمر".

كل هذا يبدو مألوفًا جدًا: هكذا كانوا يطردون البدو من مكان إلى آخر في سنوات الخمسين. دون أوامر مكتوبة، دون ترك أية آثار موثقة، وبواسطة العنف والتهديد بالعنف. هكذا قاموا بإجلاء عائلة أبو القيعان إلى حواشي النقب- وادي عتير، الذي توجد فيه اليوم بلدتا عتير وأم الحيران.

لقد وعد بن جوريون باستيضاح الذي حدث. جوابه كان، أنه لا توجد أية نية لطرد أبناء عائلة أبو القيعان. وأنه "خلال البحث عن بضائع مُهرّبة وأسلحة" من قبل الشرطة العسكرية، "انهارت ثلاث خيمٍ جزئيًا". هذا يحدث. وبالنسبة لـ-18 خيمة هدمت- "لا يوجد صدق في هذا الإدعاء". وغير صحيح أنهم هددوا البدو أيضًا: "فحصنا أظهر أن الشرطة العسكرية لم تمس بأي أحد".

תשובת בן גוריון אל קיעאן 1957

مقتبس من الوثيقة التي أعدها مستشار رئيس الحكومة لشؤون العرب لبن جوريون كإجابة على الإستجواب.

 

لقد أجاب بن جوريون جوابه المتظاهر بالبراءة اعتمادًا على وثائق أعدوها له في السلطة العسكرية، لكن جزءًا منها تم حفظه في الأرشيف. قام المستشار لشؤون العرب بكتابة وثيقة داخلية حول ما حصل- واقترح على رئيس الحكومة نسخة معدلة للرواية الرسمية. يظهر في الوثيقة الداخلية بأن أبناء عائلة ابو القيعان أُجبروا فعلًا على الانتقال من مكانهم نحو الشرق "في أعقاب الضغط الذي مورس ضدهم من قبل الحكم العسكري". نتيجة لهذا "الضغط" وافق ما يقارب 3/2 منهم على الانتقال لمحيط عتير.

תשובת בן גוריון אל קיעאן 1957

مقتبس من الوثيقة التي أعدها مستشار رئيس الحكومة لشؤون العرب لبن جوريون كإجابة على الإستجواب.

 

أولئك الذين بقيوا رفضوا الإنتقال. لذا، تمت ممارسة ضغط إضافي عليهم من قبل الحاكم العسكري  وهذه المرة، كانت الفكرة هي الضغط عليهم كي يقوموا بالاقتراب من منطقة قبيلة الهزيل، وعندها القيام بمفاقمة الصراع بينهم كي يوافقوا على الإنتقال إلى محيط عتير/إم الحيران. يبدو أن كاتب الوثيقة، مستشار رئيس الدولة لشؤون العرب أوري لوبراني، لم يقصد أن يقوم بن جوريون بقراءة الجزأين: في الجزء الأول ينكر بن غوريون أن هنالك نية لنقل أبناء أبو القيعان، وفي الجزء الثاني يشرح بأنهم يحاولون فعلاً ممارسة الضغط عليهم كي ينتقلوا- يقومون بتقريبهم من الهزيل ومفاقمة الصراع بينهم كي يوافقوا على الانتقال "بإرادتهم...".

أبناء عائلة أبو القيعان لم يحصلوا عبثًا على "موافقة" من الحاكم العسكري للإقامة في منقطة عتير-أم الحيران، التي يريدون طردهم منها حاليًا. إنهم لاجئون-داخليون، لقد تم نقلهم إلى هناك بالقوة، بضغط من الحكم العسكري. كيف قاموا بنقلهم؟ من خلال التوليفة المعروفة المكونة من التهديدات (سوف نحرق خيمكم)، العنف (تفكيك الخيم) وتأجيج الصراعات داخل المجتمع العربي. مَن طردهم إلى حيث هم الآن- هو ذاته من يريد طردهم اليوم مرة أخرى، إلى داخل البلدة البدوية المكتظة حورة. دونم، ثم دونم إضافي...