يبدو للناظر ولمن مرّ من شارع كينج جورج يوم الأربعاء الماضي مساءا في الساعة الخامسة والنصف، وبالذات في الالتفاف المحاذي لمركز ديزنجوف أن المئات من البدو جاؤوا ليستوطنوا في قلب مدينة تل أبيب!
إلا أن الحشود من أهالي النقب بمشاركة أهالي من دهمش والطيبة جاؤوا ليرفعوا أصواتهم وسط المدينة من أجل أن يضعوا معاناتهم في قلب الحدث، فلا أحد ممن مر إلى جانب المظاهرة الضخمة لم يقف ليصغي إلى هتافات الأهالي وقصص معاناتهم في العراقيب والتي قاموا بسردها في مكبرات الصوت. من أجل ذلك فقد انضم العديدين من الشارع اليساري وممن استمعوا إلى معاناة ألأهالي وقاموا بمساندتهم وبالوقوف إلى جانب المتظاهرين دعما لهم، بذلك أراد أهالي العراقيب بأن يعلم الجميع عن ما يحصل في النقب وعن نضال الأهالي اليومي من أجل الحفاظ على بيوتهم ومن أجل العيش الكريم لهم ولأبنائهم.
شهدت المظاهرة التي نظمتها لجنة الدفاع عن أراضي العراقيب ومنتدى اعتراف وحركات أخرى مشاركة واسعة للنساء والأمهات من النقب إضافة إلى مشاركة للكثير من الأطفال الذين هتفوا وهم يرفعون الشعارات بأن "هذه أرضنا ونحن لسنا سارقين" وهتف الأطفال أيضا: "ها قد جئنا إلى تل أبيب" يعكس ذلك شدة ومعاناة الأهالي في النقب والتي تؤثر على كل فرد.
وقد اختار المتظاهرين المكان الأكثر جذبا والقادر على لفت نظر الإسرائيليين في شارع كينج جورج، فلا أحد مر من الشارع ولم ينتبه إلى المظاهرة أو يقرأ المناشير التي وزعتها ترابط-هتحبروت وهي حركة عربية يهودية شاركت في تنظيم ودعم هذه المظاهرة، وترابط هم حركة نشطاء يقفون إلى جانب نضال أهالي النقب يوما بيوم وقد عملوا جاهدا من اجل نجاح هذه المظاهرة بالذات والتي تقام لأول مرة في تل أبيب من أجل دعم وصمود أهالي النقب ومن أجل أن تصل هذه الأصوات المهمشة إلى الشارع الإسرائيلي.
إضافة إلى مشاركة ترابط فقد شوهدت مشاركة لأهالي من الطيبة جاؤوا ليدعموا صمود أهالي النقب على أراضيهم، وأهالي من دهمش والرملة، فأهالي الطيبة ودهمش المعرضين أيضا لنفس مخططات الهدم والإخلاء تجمعت بمظاهرة واحدة وهكذا توحدت 3 نضالات شعبية تعكس معاناة يومية لتقول بذلك بأن النضال هو واحد ومشترك للجميع.
بالإضافة فقد شارك أيضا أعضاء كنيست مثل النائب حنا سويد رئيس كتلة الجبهة البرلمانية, الشيخ إبراهيم صرصور, طلب الصانع، والقوى اليسارية مثل الجبهة.
ما يميز هذه المظاهرة أيضا انه قد سمعت قصص الأهالي ممن يتعرضون للهدم والإخلاء فقد قاموا بسردها وعرض معاناتهم اليومية للمتظاهرين وللشارع الإسرائيلي عامة، وذلك من خلال مكبرات الصوت، أحد هؤلاء الأشخاص هو الشيخ صياح الطوري الذي جاء إلى تل أبيب ليحكي قصته فهو لم يمتنع يوما عن السكوت وعن حقه في الرجوع لأرضه في العراقيب، حيث أن معاناته يومية حيث يتم قطع الماء عنه وأيضا الكهرباء وهذا الشيخ هو مثال واحد لعدة قصص مشابهة في العراقيب.
وندد المتظاهرين بوضع حد لمخططات المنهال والكيرن كييمت وإنهم سيصمدون ولن يسمحوا للدولة بتنفيذ مخططاتها في الاستمرار بسرقة أراضيهم، بل هم يطالبون بان يتم التعامل معهم كبقية مواطني الدولة بمساواة وإعطائهم كامل حقوقهم والعيش بكرامة. يذكر أنه في السنوات الأخيرة زادت شدة مضايقة الدولة للبدو في النقب، وبالأخص لأهالي القرى غير المعترف فيها، وزادت بالإضافة إلى ذلك محاولات الدولة في سرقة أراضي هؤلاء الأهالي، بواسطة هدم البيوت وأوامر الأخلاء بالإضافة إلى حرق وإزالة المحاصيل والمزروعات، ذلك بحجة أن هذه الأرض هي ليست لهم وأنها تابعة للكيرن كييمت والدولة.
وبموجب ذلك طالب المتظاهرين من أهالي النقب بالاعتراف بقراهم وخاصة العراقيب، وإقامة قرية زراعية نموذجية سياحية تراثية على ارض العراقيب، وأيضا إبعاد الكيرن كييمت عن أراضيهم.
مشاركة المواطنين من دهمش والطيبة رفعت من معنويات أهالي النقب بالأخص وأن جميع هؤلاء المتظاهرين يعانون تقريبا من نفس المشكلة، فهم معرضون أيضا لأوامر الهدم اليومية والإخلاء.