يوم الثلاثاء 10/8/2010، قامت بلدوزرات السلطة بهدم قرية العراقيب غير المعترف بها في النقب للمرة الثالثة خلال أسبوعين، وكما في المرتين السابقتين، روفقت أعمال الهدم باعتداءات بوليسية على المواطنين وبحملة من الاعتقالات التعسفية بحق المواطنين والنشطاء المدافعين عن حق أبناء القرية الأساس بالدفاع عن منازلهم.
جادي الغازي، ناشط في حركة تـــرابـــط وعضو المكتب القطري للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، كان من بين المعتقلين في الهجمة الثالثة على العراقيب وبعد ساعات قليلة من الإفراج عنه كان يتظاهر في تل أبيب إلى جانب العشرات من النشطاء ضد جريمة الهدم. الغازي اعتقل بحجة عرقلة عمل شرطي خلال أداء مهامه وقد أطلقت المحكمة سراحه بعدما رفض الخضوع للشرط البوليسي باشتراط الافراج عنه بالابتعاد عن قرية العراقيب لمدة 15 يوما. "الاتحاد" التقت بالغازي على هامش التظاهرة.
كشاهد على جريمة الهدم، ما الذي تم وكيف؟
في مساء الاثنين كنا نتظاهر بجانب العراقيب وقد وصلتنا أنباء بأن أفرادا من دائرة أراضي اسرائيل قاموا بدخول القرية، ليقيسوا ويصوروا المباني. هذا الأمر أُقلقنا من أن قوات الشرطة -التي تعمل في خدمة مخططات صندوق أراضي إسرائيل لتهويد النقب- ستعمل على هدم العراقيب، عشية شهر رمضان، في حين ينشغل أبناء القرية ببناء ما تم هدمه في المرة الثانية والهدف واضح: إزالة القرية وضرب شرعية بقائها، تحويلها من قرية مزدهرة ومتطورة إلى منطقة منكوبة، والمس بأمان وكرامة أهالي العراقيب الشجعان الذين عادوا إلى أرضهم المنهوبة والذين لا يقصدون التنازل عنها.
اتخذنا قرارا بإرسال متطوعين إلى المكان، رغم أننا لم نكن متأكدين من أن جريمة الهدم ستتم. تم اتخاذ القرار من قبل حركة هتحبروت-ترابط، وهي مركّب من مركبات الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ونشطاء منتدى التعايش من أجل المساواة المدنية في النقب وبالتشاور مع رفاقنا في العراقيب. في المرات السابقة كانت الشرطة تغلق الطرق المؤدية إلى القرية لذا فقد بذلنا جهودا كبيرة ليصل النشطاء إلى القرية منذ ساعات المساء.
مع شروق الشمس كانت الشرطة تقترب: دوريات، معدات ثقيلة، خراطيم ماء لتفريق المظاهرات، وقوات كبيرة من الشرطة والوحدات الخاصة (يسام). المواجهة بدأت بسرعة كبيرة. كما في المرات السابقة قام الوحدات الخاصة بإبعاد النشطاء عن المنازل المهددة بالهدم. صرخ النشطاء بأوجه الشرطة: ما الذي كنتم ستقومون به لو أتوا ليهدموا لكم منازلكم؟ ألا ترون أنكم تتركون من ورائكم أطفالا في الحر بلا ماء أو عناية؟ أفراد الوحدات الخاصة، وقد أخفيت البطاقات التي تحمل أسماءهم بدئوا باستهداف النشطاء وبعضهم استغل الفرصة ليضرب وكان بينهم شرطي ملثم قام بضرب المتظاهرين بشكل عنيف.
وأمام كل هذه القوات، ما الذي كان بوسعكم القيام به؟
بعضنا أسرع باتجاه الخيم التي لم يصلها الشرطيون بعد، عائلات كاملة وقفت خارجها، بعضها سارعت إلى انتشال بعض الأغراض قبل أن تدوسها البلدوزرات، وبعضهم - من أهال وأطفال- يقفون وينظرون إلى القوات المقتربة. تمسكنا بالأعمدة الخشبية التي تحمل الخيم لنمنع هدمها فقام الوحدات الخاصة بتفعيل عنف شديد ضد النشطاء. أنا شخصيا تم الاعتداء علي من قبل الوحدات الخاصة، تم لي ذراعي خلف ظهري وتسديد ضربات إلي من الخلف، جروني من المكان واعتقلوني.
عندما كنت موقوفا رأيت البلدوزرات تدوس الخيم. مفتشو الدوريات الخضراء تجولوا في المكان راضين وقدموا للبدوزرات التعليمات كيف تقوم بالهدم بشكل أساسي – كيف تدفن البطانيات والوسائد وكيف تواري الشوادر وتخرب أسرة الأطفال. خزانات الماء أزيلت من أماكنها وهدمت.
وهل عدت إلى العراقيب بعد الإفراج عنك؟
بالطبع، لقد سافرت ثانية مع الرفاق من حركة هتحبروت-ترابط إلى العراقيب ثانية لدعم الرفاق والشد على أيديهم. وجدت أناسا يبنون منازلهم من جديد. هذه البلاد بحاجة إلى أناس شجعان يدافعون عن منازلهم وحقوقهم، عن أرضهم وعن الديمقراطية. في العراقيب يوجد أناس من هذا النوع- ويوجد لهم رفاق كثر أيضا.
لكن هؤلاء الناس بحاجة إلى تضامن أقوى بكثير من التضامن الذي يحظون به الآن. إنهم بحاجة إلى شجاعة مدنية في مجتمعهم، إنهم بحاجة إلى المزيد من النشطاء اليهود- وكذلك إلى دعم جماهيري من البدو في النقب ومن سائر المواطنين الفلسطينيين في كل أنحاء البلاد. هذا هو الوقت للنضال المشترك. ممنوع أن نسمح للعراقيب بالسقوط ممنوع أن نترك سكانها الشجعان وحدهم.
حاوره: أمجد شبيطة