منذ يوم الخميس الماضي ونحن نشهد تصعيدا وتطورا خطيرا بكم, عنف ونطاق العمليات العسكرية في الضفة الغربية. العمليات التي بدأت كعمليات تحرير للمستوطنين الإسرائيليين المخطوفين باتت عمليات عسكرية واسعة النطاق, بلا هدف وبلا نهاية. العمليات العسكرية العنيفة والواسعة النطاق ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع وداخل حدود ال48 ما زالت مستمرة كما وتشهد تصعيدا ملحوظا. الأمثلة على ذلك كثيرة: التهجير والهدم في العراقيب, اعتقال الشباب المرابطين في قرية "اقرث" الجليلية المهجرة, قمع إضراب الأسرى الإداريين, التطهير العرقي في منطقة C في الضفة الغربية من سكانها البدو الخ...
والسؤال الذي يطرح نفسه فعلا: لِمِ الآن؟ لم قامت دولة إسرائيل بتهجير الجيل الثالث لشباب قرية "اقرث" المتواجدين على ارض القرية منذ سنة كاملة؟ لمَ بعد سنة من كاملة من الحماية والحصانة من الهدم قامت الدولة بهدم ومحو كل بيوت قرية العراقيب دون ان تبقي أثرا ودون أمر من المحكمة?! لم الآن وبشكل مغاير قررت الدولة ان لا تنازل؟ مُبادرة إلى سن قانون ينص على إطعام الأسرى الإداريين قسرا تمت المصادقة عليه بالقراءة الأولى !..
الإجابة لا تخفى على العيان. نجاحات النضال الفلسطيني في الأشهر الأخيرة في الحلبتين الدولية والشعبية في الأراضي المحتلة وفي السجون, نجاحات أخافت وأربكت المؤسسة الصهيونية. فجأة واجه ممثلو ومتحدثو السلطة النقد العالمي من أوروبا ومن الولايات المتحدة, كما وذعروا من إمكانية اتحاد قومي سياسي لحركتي حماس وفتح. امن وجهة نظر المؤسسة الصهيونية الحل معروف, واضح ومألوف: تصعيد عنيف من اجل رد فعل فلسطيني يُمكن دولة إسرائيل من استعمال الشعار الفارغ "لا وجود لشريك" في الطرف الفلسطيني. بالإضافة إلى ما ذكر أعلاه من جهة, هو شعار من خلاله تحاول الدولة ان تخلق رأي عام إسرائيلي أكثر تكاثفا, أكثر تضامنا ودعما لسياسات الحكومة الإسرائيلية. من جهة أخرى, أكثر تصديا للنقد الدولي وأكثر تأييدا للاستمرار بتنفيذ الايدولوجية الصهيونية ألا وهي تهويد الحيز العام وتحويل ملكية الأراضي والموارد التي بحوزة الفلسطينيين إلى أيدي الدولة ومؤسساتها الصهيونية.
على ضوء ما ذكر أعلاه , علي لهجة رئيس الحكومة وقواد الجيش التي تعطي شرعية لكل أفعالها العنيفة ان لا تبلبلنا, لأنها تقوم باستعمال عملية خطف المستوطنين الإسرائيليين كذريعة وهدية من السماء من اجل الاستمرار بممارساتها القمعية في الضفة والقطاع. تتناسى القيادة الصهيونية في إسرائيل التصعيد الذي أودى بحياة على العوار, ابن العاشرة. على الملأ يعلن قواد الجيش الإسرائيلي باستمرار, ان العمليات العسكرية الهادفة إلى سحق حركة حماس ستستمر دون أي علاقة بقضية خطف المستوطنين الإسرائيليين! تحاول الحكومة الإسرائيلية اليوم بشتى الطرق نسف عملية اتحاد الشعب الفلسطيني, لأن هذه العملية تضعها بموقف حرج واقل شأنا على الصعيد الدولي. الأخطر من كل ما ذكر أعلاه, محاولتها خلق واقع جديد دموي كأسلوب ومنهجية للتعامل مع المأزق الدولي والنضال الشعبي الفلسطيني ومن اجل الاستمرار بالمشروع الاستيطاني الذي لا هدف له سوى الاستمرار بسلب ومصادرة الأراضي من جهتي الخط الأخضر.
كما حدث في الانتفاضة الثانية, التصعيد العنيف الذي نشهده اليوم يهدد ويمس بشكل مباشر كل النضالات ضد سياسات الدولة وحكومتها, كما ويمس بشكل خاص النضالات الفلسطينية-اليهودية المشتركة. يزيد الصورة تعقيدا, تعدد ساحات النضال والمس بالمناضلين\ات والتي هي واقع يخلق نوعا من اليأس والاحباط العام الذي يجب الحذر منه. لذا, بالذات في هذه اللحظات من المهم ان لا نتراجع وننطوي في بيوتنا مخلفين ورائنا ساحات النضال للجرافات وقوى الهدم والدمار لتفعل ما يحلو لها. نجاحات النضال القومي الفلسطيني وان كانت حاليا صغيرة تعتبر غير محتملة من قبل دولة إسرائيل.
بالرغم من عنف دولة إسرائيل , والآن بهذه اللحظات الحرجة, علينا ان نعمل!
حركة ترابط – هتحبروت